الأحد، 30 أغسطس 2009

في دروب الحياة

راضي المترفي

في اروقة المحكمة الشرعية رأيتها تنزوي صامتة في احد الاركان ويحيط بها طفلان جميلان وخوف ان اكون متوهمة دققت النظر فوجدتها هي جارتي وصديقتي وزميلتي التي قضينا اغلب مراحل الدراسة معا .. كانت متفائلة تحب الحياة وطموحات اكبر من عمرها .. قلت فرصة صديقتي واشتطت بنا السبل اسلم عليها واتجاذب معها حديث الذكريات .. عرفتني بالكاد والتقت دموعها وابتسامتها .. جلست بقربها وسألتها عن سبب جاوسها في المحكمة الشرعية كفكفت دموعها وقالت وهي خجلة : جئت استلم دراهم النفقة الخاصة بأطفالي من المرحوم ابيهم . قلت كيف تستلمين منه نفقة لاطفالك وهو ميت ؟ استجمعت قواها وقالت : ياسيدتي بعد افتراقنا في نهاية الاعدادية كما تذكرين ارتحل اهلي الى منطقة اخرى وهناك تعرفت عليه وتحاببنا لاربعة سنوات ثم كللنا هذا الحب بالزواج وعشنا سعداء وانجبنا طفلين وتغير فجأة اصبح لايطاق يختلق المشاكل ويهمل اطفاله وكثيرا ما يتركنا ويبات الليالي خارج البيت حتى علمت انه تزوج من امرأة اخرى تعرف عليها في احد اسفاره وبعد مدة يسيرة تركنا وسكن معها في بيت بعيد عنا ومن يومها لم يسأل على اطفاله ولايعرف ظروفهم وهكذا اصبح اطفالي يتامى وابوهم على قيد الحياة .. اتظنينها مصادفة غريبة ؟ فقلت لاياسيدتي واظن انك لم تنقلي الحقيقة كلها اذ ليس من المعقول ياصديقتي ان تكوني انت ملاك خالص وهوشيطان محض كلاكما ارتكب اخطاء بحق نفسه وبحق شريكه وبحق اطفاله لكنكما مثل بقية البشر تعلقونها على الطرف الاخر .. سيدتي : ان الحياة بحاجة الى قليلا من المودة هنا وبعض الحب هناك .. تسامح .. غض طرف حتى تستمر اما ان يتعامل الازواج بروحية الانداد او الاعداء فتلك هي الكارثة الموصلة الى اروقة المحاكم وجعل الابناء ايتام حتى اذا كان الاب او الام على قيد الحياة واعلمي ياسيدتي ان ضحكة من طفل بريء لوالده او والدته كافية لازاحة هموم الدنيا ومتاعبها .. نصيحتي ياسيدتي ان تراجعي نفسك وتعترفي بأخطائك وتجلسي الى زوجك وتصفي مشاكلك معه وتعيدي لاطفالك ابيهم لتري البسمة على وجوههم واعتقد انك قادرة على ذلك وهو خير من المحاكم والتشتت ويتم الاطفال .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق