الانتخابات بين
نشوة الفائزين ومرارة الخاسرين
راضي المترفي
عندما وضعت الحرب العالمية الثانية اوزارها في
منتصف اربعينات القرن الماضي كان فصيل جنود امريكي يقابل اخر الماني ومعلوم ان الالمان
خسروا الحرب وربحها الامريكان فما كان من آمر الفصيل الامريكي الا ان اخرج من مخزن
قريب 31 قنينة خمر ثم اعطى لكل جندي الماني قنينة كاملة ولم يتبقى لفصيله الا قنينة
واحدة طلب منهم تقاسمها وهنا استغرب جنوده وسأله احدهم :
ألم
نكن المنتصرين بالحرب ؟
اجاب الضابط : نعم
أردف الجندي : اذن لماذا تعطي الجنود الألمان
قنينة لكل جندي في حين نتقاسم جميعا قنينة واحدة ؟
هنا ضحك القائد وقال لرفيق سلاحه :
هم يحتاج كل منهم قنينة لكي ينسى مرارة الهزيمة
في حين لا نحتاج نحن الا لشيء قليل جدا لكي ننتشي بالفوز .
هذه الحكاية اعادتها للذاكرة حكاية الفائزين
والمنتصرين في الانتخابات الاخيرة والخاسرين فيها وضرورة الانتشاء بالفوز وصعوبة تجرع
مرارة الخسارة مع قناعة تامة ان الانتخابات في العراق لم تكن لعبة ديمقراطية عند البعض
وانما حرب تصاعدت شراستها وضراوتها قبل بداية حملتها الانتخابية ولم تبلغ ذروتها يوم
الانتخابات وانما كانت الذروة يوم انجلاء الغبار عن فائزين وخاسرين وكانت خسارة من
ظنوا انهم ضمنوا الفوز اكثر ايلاما من الذين كانوا مارسوها على طريقة لاعبي القمار
ونظروا لها على انها لعبة حظ خصوصا وان أولئك الخاسرين كانوا توعدوا خصوما حددوهم بدقة
بالويل والثبور وعظائم الامور وزاد من مرارة هزيمتهم ان خصومهم حققوا فوزا بوضوح خسارتهم
هم . ومن فازوا كانت شماتتهم بخصومهم اوضح على وجوههم من نشوة النصر او الفرحة به وكان
تصرفهم مبنيا على هذه الشماتة .
وبما ان الانتخابات عندنا حروب ضروس لاهوادة
فيها وتصفية حسابات تراكمت لاكثر من عقد من السنين وليس مثل الاخرين لعبة يمارسها الجميع
ويتبادلون المواقع برضا اذا يفوز غدا من خسر اليوم او العكس لذا انقسمنا الى معسكرين
وانقسم كل معسكر الى قسمين منتصرين وخاسرين . المنتصرين يعرضون عضلاتهم ويظهرون وعيدهم
وتهديدهم لخصومهم بشكل علني دون حياء او مواربة او تماشيا مع اللعبة الانتخابية مع
الخاسرين ومع من يختلفون معهم من الفائزين ويظهرون شماتتهم لمن خسر من الخصوم بوقاحة
يحسدون عليها . في حين يقف على الطرف الاخر الفاشلون مولولين ومتهمين المفوضية وخصومهم
بالتزوير والسرقة وتغيير النتائج والشماتة من خصومهم الذين شاركوهم المصير نفسه . عموما
اظن ان الفائزين لا يحتاجون لشيء يجعلهم ينتشون بفوزهم لأنهم شربوا الشماتة بمن خسر
واكتفوا بها عن اي شيء آخر في حين لا تكفي كل مدخرات العالم لتجعل من هزم في معركة
الانتخابات في العراق ينسى مرارة الهزيمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق