الستوتة وسيلة النقل الضرورية في الزمن الديمقراطي
راضي المترفي
الستوتة التي انتشرت كالجراد بالعراق لا تشكل ظاهرة بالعراق وحده
الستوته مخلوق بخاري حضور لا يستهان به في مواطن مختلفة من الحياة العراقية
رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير والمدير المالي في ستوتة
التسمية مشتقة من ماكنة المطبخ متعددة المهمات (ست البيت)
(الطرطيرة) اسمها في سوريا واهل مصرعرفوها باسم اخر هو ( التوك توك
( اخر الحبايب ) ( تسواهن ) ( احلاهن ) ( ام الوفا ) ( ام الخير ) (ست الشارع ) اسماء لستوتات .
تأخرنا في اكمل احد اعداد الجريدة ودفعه ىللمطبعة بوقته المقرر ذات يوم حتى ساعات الليل الاولى في وقت كانت تقفر به الشوارع عصرا بسبب الحالة الامنية لكن حاجتنا للاصدار ووجود مواضيع تحتم علينا اصدار الجريدة بموعدها جعلنا نجازف خارج الساعات المسموح بها للحركة بشبه امان وعند انتهاء عملنا بحدود الساعة التاسعة والنصف ليلا ودفعنا الجريدة للمطبعة خرجنا انا ورئيس مجلس الادارة والمدير المالي وقرر الاخرون المبيت في مقر الجريدة باعتبار ان مناطقهم اكثر سخونة من المنطقة التي نقصدها انا والاخرون .. خرجنا للشارع وبصعوبة بالغة وافق احد سواق التاكسي على ايصالنا الى منطقة قريبة نسبيا من منطقتنا فركبنا واوصلنا الرجل للمكان المتفق عليه فتقطعت بنا السبل اذ لاوجود لواسطة نقل مهما كانت ومعلوم في ذلك الوقت ان السير على الاقدام خطورة لاتدانيها خطورة في وقت يقترب من منتصف الليل .. ندمنا على عدم بقائنا بالجريدة وندمنا على تركنا مكاننا الاول ودب الخوف في اوصال المدير المالي للجريدة وتسرب بعضا منا نحونا خصوصا وان هناك بعض السيارات تمرق مسرعة وتظهر من نوافذها بنادق الكلاشنكوف موجهة باتجاه الرصيف بعد انتظار لايعلم مداه الخائفون امثالنا اقتربت منا عربة نجهل شكلها الحقيقي الا ان لها جئير يدل على انها من اقارب الدراجات النارية وصلنا وتوقف والقى علينا السلام وقال ( ها كروه ) اجبنا ثلاثتنا كأننا طلاب ابتدائية يقرؤون نشيدا ( ايه .. ايه .. ايه ) سال عن الجهة فاعلمناه طلب اجرة ثلاث تكسيات متحججا بالليل والوضع الامني واعلمنا ان لايستطيع ايصالنا الى مكاننا الذي حددناه لكن وعد اننا سنكون قريبا منه ووفقنا فرحين ثم ساومناه على الاجرة فرفض وضغط على دواسة الوقود مهددا بتركنا فصعدنا الى بطن الستوتة صاغرين فالتفت لنا بالحال وطلب الاجرة .. دفعها له المدير المالي وقال هامسا :
رحلة سعيدة وتصلح عنوان لمقال دسم قلنا ماهو قال ( رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير والمدير المالي في ستوتة ) قلت له ان كتب الله لنا السلامة ذات يوم سيكون لك ماتريد وها انا افي بوعدي من خلال كتابة تحقيق عن واسطة النقل التي وصلتنا مع الزمن الديمقراطي .
قبل سنة 2003 لم يكن لهذه الدراجة ذات العجلات الثلاث وجود وما كان يوجد دراجة عادية تلحق بها عربة تسمى ( دوبه ) ولكنها تكاثرت في الاماكن الدينية والاضرحة المقدسة خصوصا بعد ازدهارعملية تقطيع الشوارع بالجدران الخراسانية. حيث تقف سيارات الاجرة واجمة صاغرة عند بوابات هذه الجدران الخرافية وماعلى الركاب الا الترجل والسير على الاقدام مهما طالت المسافات الا ان وجود الستوتة ووصولها للعراق بالوقت المناسب وحاجة الزائرين لتعويض مافاتهم من زيارة اضرحة الاولياء تكفل بنقل العجائز وكبار السن والاطفال من خلف السياج الى المقامات المقدسة . ثم تكاثر وجود الستوتة في الاسواق الشعبية، التي قطعت هي ايضاً، لدواعي امنية، بجدران كونكريتية، واصبح من الصعب على السيارات الخاصة الدخول الى عمق هذه الاسواق، و صغر حجم الستوتة ومرونة حركتها سهل عملها، ونتج عن فرص عمل جديدة لكثير من الشباب العاطلين والذين لم يحصلوا على وظائف في الدولة وقتها .
وهذه الدراجة الجديدة على الحياة العراقية تم استيرادها من ايران، وكان سعرها لا يتجاوز الـ 1500 دولار، وهو مبلغ ليس كبيراً قياساً بفكرة امتلاك واسطة نقل وعمل في الوقت نفسه.
ورغم سعادة سائقي الستوتة بدراجتهم الغريبة، التي حورها البعض ليغدو حوضها بمقاعد تتسع لستة راكبين، إلا أن رجال المرور، والعديد من المواطنين يشكون من الحوادث التي تسببها هذه الدراجة، بسبب عدم القدرة على ضبط توازنها في الاستدارة ما بين تقاطعات الشوارع، وسرعة سائقيها، وأصبح من المألوف حدوث حوادث انقلاب للستوتة براكبيها وبضائعهم بين حين وآخر، رغم عدم حدوث اصابات بليغة لراكبيها.
ومن الطريف ان ( الستوتة ) تقوم خلال فصل الشتاء بعمل مهمً، مع اشتداد الامطار، الغزيرة. حيث يقوم اصحابها باستبدال عملهم من نقل الى نقل الاشخاص. خصوصا في علاوي جميلة والاسواق الاخرى .
وهذا المخلوق البخاري ذو الفوائد والاستخدامات المتعددة كان له حضور لا يستهان به في الشارع وفي مواطن مختلفة من اوجه الحياة العراقية
فتارة هو واسطة النقل الوحيدة يوم تتكاثر الحشود ايام الزيارات المليونية الى مدينة كربلاء المقدسة من خلال نقله للزائرين من مناطق (القطع المروري) او ما تسمى العوارض من والى مركز المدينة، وتارة هو المعني الاول بنقل البضائع الخاصة بتجار المفرد واخرى نقل قناني الغاز الى المواطنين، كما ان له الفضل الكبير على اصحاب البقالة واصحاب المحال التجارية .
تسمية الستوتة :
تسائلت لماذا سميت (ستوتة ) ومن اين جاءت التسمية وهل الاسم عراقي خالص ام انه استورد معها ؟ قال لي صفاء الخليفاوي وهو سائق ستوتة ماهر وقديم : أن هذه التسمية مشتقة من ماكنة المطبخ متعددة المهمات (ست البيت) التي هي خلاطة وعصارة وثرامة . الستوتة مثلها ذات مهام متنوعة فهي "واسطة لنقل الحمولات ،وأحيانا لنقل الأشخاص ويستخدمها أصحابها لنزهة الأطفال خاصة في الأعياد والمناسبات ، وهي بذلك تشبه ست البيت وسميت ستوتة للدلع .
وهناك احتمال ان التسمية (بالستوته ) جائت كونها تحمل ستة أشخاص فقط أو أن اسمها جاء مشتق من مفردة (ZT) علامة الدراجات النارية الشهيرة وربما أطلق عليها هذا الاسم تصغيرا محببا لكلمة (الست) أي المرأة المحترمة لكثرة استخدامها من قبل النساء لنقل حاجاتهن من السوق ومفردات البطاقة التموينية وقناني الغاز وصفائح الماء العذب .
فضائل الستوتة :
أما لماذا يفضل المتبضعون استخدامها بدلا من سيارات الحمل الصغيرة فيقول أحدهم : تستطيع الستوتة دخول الشوارع الضيقة ضمن منطقة الأسواق ، كما أن أجورها زهيدة مقارنة بالأجور التي يتقاضاها أصحاب سيارات الحمل لذلك صار الطلب عليها كبيراً. مضيفا أن هناك إقبال شديد على اقتناء الستوتات والدراجات البخارية الأخرى للقضاء على أزمة النقل .
مساوئ الستوتات :
أما مساوئ هذه الدرجات فيجملها احمد محسن مهندس الحاسوب تستخدم من قبل سائقين صغار السن ، وأيضا من قبل بعض الشباب الذين يقودون بسرعات عالية مما يسبب تعرض الناس وخاصة الأطفال إلى الأذى وذلك لأنها تدخل الأفرع الشعبية والمزدحمة ، وأيضا أغلب سائقيها لا يلتزمون بالإشارات الضوئية ولا القواعد المرورية مما يتسببون بإرباك في سير السيارات
افضلية الستوتة
صاحب احدى الستوتات قال اضطررت لاستدانة مبلغ من المال لشراء هذه المركبة وتحويرها ولا امتلك مصدراً آخر للرزق وقد كنت قبلها امتلك حمارا لكنني علمت من احد أقاربي ان هذه العجلة أفضل من السيارة في العمل وهي توفر لي ربحا لا باس به كما انني فضلتها على عربتي السابقة لان الناس اعتادوا على ركوبها بدلا من العربة التي استخدمها سابقا .
يقول احد المواطنين مادحا الستوتة : انني افضل ركوب اية عربة صغيرة رخيصة الثمن وتكون حركتها أسهل من المركبات الأخرى لصغر حجمها ، وهي تؤدي الغرض نفسه ولها القابلية في دخول الأزقة الضيقة ، أجورها ارخص بكثير من اجرة بعض اصحاب سيارات الأجرة فالغالبية منهم يتمادون في طلب الأجور العاليه ولا يدخلون المناطق الضيقة .
وتقول إحدى المواطنات انني افضل ركوب العربة على الستوته لأنها ارخص ثمنا كما ان اصحابها فقراء يتطلعون للكسب البسيط ولا يخشون الذهاب الى مناطق سكننا التي تخلو من الشوارع المبلطة .
اما المواطن ابو ياسر فيقول :الستوتة والعربة كلاهما يقودان الى نفس المكان ويؤديان نفس الغرض غير ان العربة تسير ببطء والستوته تسير بسرعة وانا أخاف الصعود بها لان سائقيها اغلبهم من الأطفال الذين لا يعرفون أصول السياقة في الشارع الذي يتطلب مهارة ومعلومات بإشارات المرور .في النهاية لا نريد ان نغمط حق العربة فهي معروفة لدى الجميع اما الستوته فربما تظهرغدا واسطة نقل اخرى تكون افضل منها ويبقى ( العربنجي يحمل همومه وهموم الاخرين .
وسيلة رزق جيدة
يقول ابو صالح (حرفي ) كثرت الطلبات على الستوتة في السنوات الاخيرة لما توفره للعاملين عليها من مورد لا بأس به وهي ارخص من عربات الدفع التي تتطلب جهداً كبيراً واضاف: انها على نوعين اما ان تعمل بقوة دفع اقدام سائقها او انها تعمل بماكنة العجلة البخارية وهي اسرع ولها اطارات اكبر.
وقال ابو داود وهو سائق الستوتة يعمل علىت خط ساحة الطيران – شورجه : أنها وسيلة رزق جيدة خصوصاً اننا نعاني من البطالة وصعوبة الحصول على لقمة العيش
ويضيف ذلك سائق ستوتة اخر نحن اصحاب الستوتات نعاني من مضايقات رجال المرور وقوات الامن خاصة بعد انفجار احد هذه العربات في احدى مناطق بغداد حيث منع دخولها اثر ذلك الى تلك المنطقة مما ادى الى حرمان الكثير من العاملين عليها من مصدر رزقهم خاصة وان المنطقة معروفة بتعدد اسواقها وتداخلها وكثرة السواح والزائرين والمتبضعين على مدار السنة، بل ان المنطقة كانت معروفة والى وقت قريب في استيراد نوعيات مختلفة من عربات الستوتة ولكن مع عمليات المنع والاجراءات الامنية تقلص نشاط بيعها وحركتها وتنقلها في محيط المدينة.
سيارة الفقراء!!
والستوتة التي انتشرت كالجراد بالعراق لا تشكل ظاهرة بالعراق وحده وقد سبقته الهند والباكستان واطلقوا عليها ( سيارة الفقراء )وبعض دول اسيا الفقيرة وبالنسبة للوطن العربي سوريا الشقيقة التي شاعت تسمية الستوتة فيها بـاسم (الطرطيرة) والذي يحمل في طياته معنى السخرية والتهكم، كذلك اهل مصر قد عرفوها باسم اخر هو ( التوك توك)
ويصف الستوتة احدهم بالقول : ان الستوتة وسيلة نقل غير حضارية تعكس تردي الوضع الاقتصادي للبلد فهي لا تصنع الا في البلدان الفقيرة وبلدنا يتمتع بالخيرات واضاف: واعتقد ان وجودها عابر وابن مرحلته وظرفه وهذا يرتبط برفع المصدات الكونكريتية عن الاسواق ومع عودة الامن الكامل للبلاد.
ويقول احد العمال المتعاملين مع الستوتة : ان هذه العربة الصغيرة الحجم كبيرة الفعل وقد حلت الكثير من المشاكل في النقل خصوصا وان شوارعنا تختنق من شدة الازدحام وذلك لقدراتها على اختراق العديد من الحواجز وسرعتها وامكانية دخولها في الازقة الضيقة فضلا عن المبلغ المعقول الذي يتم تقاضيه لقاء نقل البضاعة من مكان الى اخر ولذلك اجدها حلاً كفيلاً بانهاء بعض متاعبنا!
وموقف المرور
ويقول احد رجال المرورو: منذ فترة صدر قرار بمنح اجازة سير( للستوتة ) في الشارع ورقم في سجلات المرور وفي حال عدم حملها الرقم يتم حجزها. واضاف: انها تشكل احيانا ارباكا في الشارع وتزيد من حدة الازدحام وتعيق سير المركبات، بل هي اشد خطورة كون سواقها غالبيتهم من الاعمار المراهقة!
اسماء دلع للمحبوبة الستوتة
مثل مايحصل من حب بين صاحب السيارة وسيارته ويكتب عليها عبارة مرة تكون محببة واخرى غريبة وثالثة على طريقة ( عرب وين وطنبوره وين حذا اصحاب الستوتات حذوهم وكتبوا على ستوتاتهم عبارات مثل : ( عضة أسد ولا نظرة حسد) ( اللهم اعطهم مايتمنون لنا ) ( ياناظري نظرة حسد اشكوك للواحد الاحد ) ( ستوتة والاجر على الله ) ( اسأل الشارع عني ) ( على عناد ابو الكيا ) ( صاروخ المدينة ) ( اخر الحبايب ) ( تسواهن ) ( احلاهن ) ( ام الوفا ) ( ام الخير ) (ست الشارع ) غير الذي لم تحتفظ بهن ذاكرتي .
اخير .. الستوتة مفردة ووواسطة نقل دخلت الواقع العراقي وفرضت نفسها عليه في زمنه الديمقراطي ومثل ما للديمقراطية من فوائد وسلبيات كانت الستوتة كذلك لكنها رغم كل شي ( تمشي شغل ) على رأي احدهم يوم اراد مقارنتها باحد مؤسسات الزمن الديمقراطي واضاف انها تحمل المواطنين وامتعتهم وبضائعهم وهموهم في حين تنشغل تلك المؤسسة الديمقراطية بنفسها واهلها ولاتتذكر المواطن الا يوم تحتاجه اصبعا مغموسا في حناء انتخاباتهم ورقما في صناديق الاقتراع ليقرر من يتقدم على من .. تركته وانا احمد الستوتة وما تقدمه للمواطن من خدمات في الازمنة الكونكريتية وتقاطعاتها المرئية .
راضي المترفي
الستوتة التي انتشرت كالجراد بالعراق لا تشكل ظاهرة بالعراق وحده
الستوته مخلوق بخاري حضور لا يستهان به في مواطن مختلفة من الحياة العراقية
رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير والمدير المالي في ستوتة
التسمية مشتقة من ماكنة المطبخ متعددة المهمات (ست البيت)
(الطرطيرة) اسمها في سوريا واهل مصرعرفوها باسم اخر هو ( التوك توك
( اخر الحبايب ) ( تسواهن ) ( احلاهن ) ( ام الوفا ) ( ام الخير ) (ست الشارع ) اسماء لستوتات .
تأخرنا في اكمل احد اعداد الجريدة ودفعه ىللمطبعة بوقته المقرر ذات يوم حتى ساعات الليل الاولى في وقت كانت تقفر به الشوارع عصرا بسبب الحالة الامنية لكن حاجتنا للاصدار ووجود مواضيع تحتم علينا اصدار الجريدة بموعدها جعلنا نجازف خارج الساعات المسموح بها للحركة بشبه امان وعند انتهاء عملنا بحدود الساعة التاسعة والنصف ليلا ودفعنا الجريدة للمطبعة خرجنا انا ورئيس مجلس الادارة والمدير المالي وقرر الاخرون المبيت في مقر الجريدة باعتبار ان مناطقهم اكثر سخونة من المنطقة التي نقصدها انا والاخرون .. خرجنا للشارع وبصعوبة بالغة وافق احد سواق التاكسي على ايصالنا الى منطقة قريبة نسبيا من منطقتنا فركبنا واوصلنا الرجل للمكان المتفق عليه فتقطعت بنا السبل اذ لاوجود لواسطة نقل مهما كانت ومعلوم في ذلك الوقت ان السير على الاقدام خطورة لاتدانيها خطورة في وقت يقترب من منتصف الليل .. ندمنا على عدم بقائنا بالجريدة وندمنا على تركنا مكاننا الاول ودب الخوف في اوصال المدير المالي للجريدة وتسرب بعضا منا نحونا خصوصا وان هناك بعض السيارات تمرق مسرعة وتظهر من نوافذها بنادق الكلاشنكوف موجهة باتجاه الرصيف بعد انتظار لايعلم مداه الخائفون امثالنا اقتربت منا عربة نجهل شكلها الحقيقي الا ان لها جئير يدل على انها من اقارب الدراجات النارية وصلنا وتوقف والقى علينا السلام وقال ( ها كروه ) اجبنا ثلاثتنا كأننا طلاب ابتدائية يقرؤون نشيدا ( ايه .. ايه .. ايه ) سال عن الجهة فاعلمناه طلب اجرة ثلاث تكسيات متحججا بالليل والوضع الامني واعلمنا ان لايستطيع ايصالنا الى مكاننا الذي حددناه لكن وعد اننا سنكون قريبا منه ووفقنا فرحين ثم ساومناه على الاجرة فرفض وضغط على دواسة الوقود مهددا بتركنا فصعدنا الى بطن الستوتة صاغرين فالتفت لنا بالحال وطلب الاجرة .. دفعها له المدير المالي وقال هامسا :
رحلة سعيدة وتصلح عنوان لمقال دسم قلنا ماهو قال ( رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير والمدير المالي في ستوتة ) قلت له ان كتب الله لنا السلامة ذات يوم سيكون لك ماتريد وها انا افي بوعدي من خلال كتابة تحقيق عن واسطة النقل التي وصلتنا مع الزمن الديمقراطي .
قبل سنة 2003 لم يكن لهذه الدراجة ذات العجلات الثلاث وجود وما كان يوجد دراجة عادية تلحق بها عربة تسمى ( دوبه ) ولكنها تكاثرت في الاماكن الدينية والاضرحة المقدسة خصوصا بعد ازدهارعملية تقطيع الشوارع بالجدران الخراسانية. حيث تقف سيارات الاجرة واجمة صاغرة عند بوابات هذه الجدران الخرافية وماعلى الركاب الا الترجل والسير على الاقدام مهما طالت المسافات الا ان وجود الستوتة ووصولها للعراق بالوقت المناسب وحاجة الزائرين لتعويض مافاتهم من زيارة اضرحة الاولياء تكفل بنقل العجائز وكبار السن والاطفال من خلف السياج الى المقامات المقدسة . ثم تكاثر وجود الستوتة في الاسواق الشعبية، التي قطعت هي ايضاً، لدواعي امنية، بجدران كونكريتية، واصبح من الصعب على السيارات الخاصة الدخول الى عمق هذه الاسواق، و صغر حجم الستوتة ومرونة حركتها سهل عملها، ونتج عن فرص عمل جديدة لكثير من الشباب العاطلين والذين لم يحصلوا على وظائف في الدولة وقتها .
وهذه الدراجة الجديدة على الحياة العراقية تم استيرادها من ايران، وكان سعرها لا يتجاوز الـ 1500 دولار، وهو مبلغ ليس كبيراً قياساً بفكرة امتلاك واسطة نقل وعمل في الوقت نفسه.
ورغم سعادة سائقي الستوتة بدراجتهم الغريبة، التي حورها البعض ليغدو حوضها بمقاعد تتسع لستة راكبين، إلا أن رجال المرور، والعديد من المواطنين يشكون من الحوادث التي تسببها هذه الدراجة، بسبب عدم القدرة على ضبط توازنها في الاستدارة ما بين تقاطعات الشوارع، وسرعة سائقيها، وأصبح من المألوف حدوث حوادث انقلاب للستوتة براكبيها وبضائعهم بين حين وآخر، رغم عدم حدوث اصابات بليغة لراكبيها.
ومن الطريف ان ( الستوتة ) تقوم خلال فصل الشتاء بعمل مهمً، مع اشتداد الامطار، الغزيرة. حيث يقوم اصحابها باستبدال عملهم من نقل الى نقل الاشخاص. خصوصا في علاوي جميلة والاسواق الاخرى .
وهذا المخلوق البخاري ذو الفوائد والاستخدامات المتعددة كان له حضور لا يستهان به في الشارع وفي مواطن مختلفة من اوجه الحياة العراقية
فتارة هو واسطة النقل الوحيدة يوم تتكاثر الحشود ايام الزيارات المليونية الى مدينة كربلاء المقدسة من خلال نقله للزائرين من مناطق (القطع المروري) او ما تسمى العوارض من والى مركز المدينة، وتارة هو المعني الاول بنقل البضائع الخاصة بتجار المفرد واخرى نقل قناني الغاز الى المواطنين، كما ان له الفضل الكبير على اصحاب البقالة واصحاب المحال التجارية .
تسمية الستوتة :
تسائلت لماذا سميت (ستوتة ) ومن اين جاءت التسمية وهل الاسم عراقي خالص ام انه استورد معها ؟ قال لي صفاء الخليفاوي وهو سائق ستوتة ماهر وقديم : أن هذه التسمية مشتقة من ماكنة المطبخ متعددة المهمات (ست البيت) التي هي خلاطة وعصارة وثرامة . الستوتة مثلها ذات مهام متنوعة فهي "واسطة لنقل الحمولات ،وأحيانا لنقل الأشخاص ويستخدمها أصحابها لنزهة الأطفال خاصة في الأعياد والمناسبات ، وهي بذلك تشبه ست البيت وسميت ستوتة للدلع .
وهناك احتمال ان التسمية (بالستوته ) جائت كونها تحمل ستة أشخاص فقط أو أن اسمها جاء مشتق من مفردة (ZT) علامة الدراجات النارية الشهيرة وربما أطلق عليها هذا الاسم تصغيرا محببا لكلمة (الست) أي المرأة المحترمة لكثرة استخدامها من قبل النساء لنقل حاجاتهن من السوق ومفردات البطاقة التموينية وقناني الغاز وصفائح الماء العذب .
فضائل الستوتة :
أما لماذا يفضل المتبضعون استخدامها بدلا من سيارات الحمل الصغيرة فيقول أحدهم : تستطيع الستوتة دخول الشوارع الضيقة ضمن منطقة الأسواق ، كما أن أجورها زهيدة مقارنة بالأجور التي يتقاضاها أصحاب سيارات الحمل لذلك صار الطلب عليها كبيراً. مضيفا أن هناك إقبال شديد على اقتناء الستوتات والدراجات البخارية الأخرى للقضاء على أزمة النقل .
مساوئ الستوتات :
أما مساوئ هذه الدرجات فيجملها احمد محسن مهندس الحاسوب تستخدم من قبل سائقين صغار السن ، وأيضا من قبل بعض الشباب الذين يقودون بسرعات عالية مما يسبب تعرض الناس وخاصة الأطفال إلى الأذى وذلك لأنها تدخل الأفرع الشعبية والمزدحمة ، وأيضا أغلب سائقيها لا يلتزمون بالإشارات الضوئية ولا القواعد المرورية مما يتسببون بإرباك في سير السيارات
افضلية الستوتة
صاحب احدى الستوتات قال اضطررت لاستدانة مبلغ من المال لشراء هذه المركبة وتحويرها ولا امتلك مصدراً آخر للرزق وقد كنت قبلها امتلك حمارا لكنني علمت من احد أقاربي ان هذه العجلة أفضل من السيارة في العمل وهي توفر لي ربحا لا باس به كما انني فضلتها على عربتي السابقة لان الناس اعتادوا على ركوبها بدلا من العربة التي استخدمها سابقا .
يقول احد المواطنين مادحا الستوتة : انني افضل ركوب اية عربة صغيرة رخيصة الثمن وتكون حركتها أسهل من المركبات الأخرى لصغر حجمها ، وهي تؤدي الغرض نفسه ولها القابلية في دخول الأزقة الضيقة ، أجورها ارخص بكثير من اجرة بعض اصحاب سيارات الأجرة فالغالبية منهم يتمادون في طلب الأجور العاليه ولا يدخلون المناطق الضيقة .
وتقول إحدى المواطنات انني افضل ركوب العربة على الستوته لأنها ارخص ثمنا كما ان اصحابها فقراء يتطلعون للكسب البسيط ولا يخشون الذهاب الى مناطق سكننا التي تخلو من الشوارع المبلطة .
اما المواطن ابو ياسر فيقول :الستوتة والعربة كلاهما يقودان الى نفس المكان ويؤديان نفس الغرض غير ان العربة تسير ببطء والستوته تسير بسرعة وانا أخاف الصعود بها لان سائقيها اغلبهم من الأطفال الذين لا يعرفون أصول السياقة في الشارع الذي يتطلب مهارة ومعلومات بإشارات المرور .في النهاية لا نريد ان نغمط حق العربة فهي معروفة لدى الجميع اما الستوته فربما تظهرغدا واسطة نقل اخرى تكون افضل منها ويبقى ( العربنجي يحمل همومه وهموم الاخرين .
وسيلة رزق جيدة
يقول ابو صالح (حرفي ) كثرت الطلبات على الستوتة في السنوات الاخيرة لما توفره للعاملين عليها من مورد لا بأس به وهي ارخص من عربات الدفع التي تتطلب جهداً كبيراً واضاف: انها على نوعين اما ان تعمل بقوة دفع اقدام سائقها او انها تعمل بماكنة العجلة البخارية وهي اسرع ولها اطارات اكبر.
وقال ابو داود وهو سائق الستوتة يعمل علىت خط ساحة الطيران – شورجه : أنها وسيلة رزق جيدة خصوصاً اننا نعاني من البطالة وصعوبة الحصول على لقمة العيش
ويضيف ذلك سائق ستوتة اخر نحن اصحاب الستوتات نعاني من مضايقات رجال المرور وقوات الامن خاصة بعد انفجار احد هذه العربات في احدى مناطق بغداد حيث منع دخولها اثر ذلك الى تلك المنطقة مما ادى الى حرمان الكثير من العاملين عليها من مصدر رزقهم خاصة وان المنطقة معروفة بتعدد اسواقها وتداخلها وكثرة السواح والزائرين والمتبضعين على مدار السنة، بل ان المنطقة كانت معروفة والى وقت قريب في استيراد نوعيات مختلفة من عربات الستوتة ولكن مع عمليات المنع والاجراءات الامنية تقلص نشاط بيعها وحركتها وتنقلها في محيط المدينة.
سيارة الفقراء!!
والستوتة التي انتشرت كالجراد بالعراق لا تشكل ظاهرة بالعراق وحده وقد سبقته الهند والباكستان واطلقوا عليها ( سيارة الفقراء )وبعض دول اسيا الفقيرة وبالنسبة للوطن العربي سوريا الشقيقة التي شاعت تسمية الستوتة فيها بـاسم (الطرطيرة) والذي يحمل في طياته معنى السخرية والتهكم، كذلك اهل مصر قد عرفوها باسم اخر هو ( التوك توك)
ويصف الستوتة احدهم بالقول : ان الستوتة وسيلة نقل غير حضارية تعكس تردي الوضع الاقتصادي للبلد فهي لا تصنع الا في البلدان الفقيرة وبلدنا يتمتع بالخيرات واضاف: واعتقد ان وجودها عابر وابن مرحلته وظرفه وهذا يرتبط برفع المصدات الكونكريتية عن الاسواق ومع عودة الامن الكامل للبلاد.
ويقول احد العمال المتعاملين مع الستوتة : ان هذه العربة الصغيرة الحجم كبيرة الفعل وقد حلت الكثير من المشاكل في النقل خصوصا وان شوارعنا تختنق من شدة الازدحام وذلك لقدراتها على اختراق العديد من الحواجز وسرعتها وامكانية دخولها في الازقة الضيقة فضلا عن المبلغ المعقول الذي يتم تقاضيه لقاء نقل البضاعة من مكان الى اخر ولذلك اجدها حلاً كفيلاً بانهاء بعض متاعبنا!
وموقف المرور
ويقول احد رجال المرورو: منذ فترة صدر قرار بمنح اجازة سير( للستوتة ) في الشارع ورقم في سجلات المرور وفي حال عدم حملها الرقم يتم حجزها. واضاف: انها تشكل احيانا ارباكا في الشارع وتزيد من حدة الازدحام وتعيق سير المركبات، بل هي اشد خطورة كون سواقها غالبيتهم من الاعمار المراهقة!
اسماء دلع للمحبوبة الستوتة
مثل مايحصل من حب بين صاحب السيارة وسيارته ويكتب عليها عبارة مرة تكون محببة واخرى غريبة وثالثة على طريقة ( عرب وين وطنبوره وين حذا اصحاب الستوتات حذوهم وكتبوا على ستوتاتهم عبارات مثل : ( عضة أسد ولا نظرة حسد) ( اللهم اعطهم مايتمنون لنا ) ( ياناظري نظرة حسد اشكوك للواحد الاحد ) ( ستوتة والاجر على الله ) ( اسأل الشارع عني ) ( على عناد ابو الكيا ) ( صاروخ المدينة ) ( اخر الحبايب ) ( تسواهن ) ( احلاهن ) ( ام الوفا ) ( ام الخير ) (ست الشارع ) غير الذي لم تحتفظ بهن ذاكرتي .
اخير .. الستوتة مفردة ووواسطة نقل دخلت الواقع العراقي وفرضت نفسها عليه في زمنه الديمقراطي ومثل ما للديمقراطية من فوائد وسلبيات كانت الستوتة كذلك لكنها رغم كل شي ( تمشي شغل ) على رأي احدهم يوم اراد مقارنتها باحد مؤسسات الزمن الديمقراطي واضاف انها تحمل المواطنين وامتعتهم وبضائعهم وهموهم في حين تنشغل تلك المؤسسة الديمقراطية بنفسها واهلها ولاتتذكر المواطن الا يوم تحتاجه اصبعا مغموسا في حناء انتخاباتهم ورقما في صناديق الاقتراع ليقرر من يتقدم على من .. تركته وانا احمد الستوتة وما تقدمه للمواطن من خدمات في الازمنة الكونكريتية وتقاطعاتها المرئية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق