الأحد، 30 أغسطس 2009

الوفاء صفة العاشق الحقيقي

راضي المترفي

واعدني ذات يوم صديقي (............ ) عضو فرقة الانشاد العراقية سابقا والمقيم الان في رومانيا ويحمل جنسيتها بعد ان وعدني بالجلوس الى عاشقة ذات مواصفات خاصة وعندما حان الموعد ذهبنا معا الى بيت المرأة وكان الرجل قد رتب كل شيء بدقة وجدت بيتها مرتب بشكل لافت للنظر وهي امرأة خمسنية لاتزال تحتفظ ببقايا جمال غابر وملامح محببة وسمرة اخاذة ولسان ( ينكط شهد ) ومضيافة وكنا انا وزميلي بعمر اولادها في حينه وعندما طلبت منها سرد قصتها اعتذرت بادب وقالت يكفي امي عاشت قصة حب وعانت بسببها ماعانت واسقط بيدي بعد ان عرفت ان المرأة لم تكن البطلة وانما انا امام راوي قد يفقد القصة حرارتها ولكني قبلت بالسماع منها على كل حال فسردت المرأة الحكاية وقالت :
كان لامي ثلاثة اخوة اشداء ( تخاف منهم الكاع ) وكانوا يسكنون ريف الحي ويعيشون في بيت واحد لايخرج احدهم لقضاء حاجته الا مدرع مطوس ولايقع ( الجراز ) من يده والبندقية دائما في كتفه وبحزامه اضافة للمسدس والخنجر و( صخرية الماو ) وكان لهؤلاء الاخوة اخت وحيدة
وكان بيتهم دائما منعزل بمسافة عن بيوت السلف ولا يجرؤ حرامي او غيره الاقتراب منه وكان الخوف يحكم علاقة نسائهم بهم ومع كل هذا رقص قلب اخت هؤلاء للحب وعشقت احد شباب السلف وكان هذا العاشق صادقا لكن من يستطيع مقابلة اخوة الحبيبة وطلب يدها منهم لانه حتما سيتهم باقامة علاقة وتصبح الامور ( كام الداس يا عباس ) وكانت حيرة نسائهم اكبر من أي شيئا اخر اذ تخشى من تريد اخبارهم عن علاقة اختهم برجل غريب على حياتها خصوصا وهم يتبعون طريقة ( كص راس موت خبر ) ورأت احداهن ذات ليلة ان الامور مواتية فاخبرت زوجها بالقصة فنهرها ولطمها على خدها وشتمها وقضى ليلته يقلب الامر على عدة وجوه وفي الصباح كان بينه وبين اخويه حديث لم يطلع عليه غيرهم وبعد غروب الشمس باكثر من ساعة طلبوا من اختهم مرافقتهم فلم تسأل ولم تعترض وانقادت بكل سهولة فساروا بها باتجاه جزيرة الحي المترامية الاطراف وبعد ان اوغلوا بالجزيرة واقتراب الليل من محطة النصف اختاروا مكانا وبدئوا بحفر قبر وتقسموا فكان واحد منهم يحفر والثاني للتنظيف والثالث لحراستها وكانت هي جالسة بكل هدوء تنظر الى مصيرها وقبرها الذي يحفر امام عينيها بصمت ومن دون خوف ظاهر او دموع وكانوا هم ايضا صامتين لم يكلم احدهم الاخر ولم يكلف احدهم نفسه ويسألها عن العلاقة التي بينها وبين ابن السلف واتموا الحفر بارتفاع قامة ولم يبقى بينها وبين ان تكون نزيلته وهي حيه الا لحظات اذ انهم بعد اخراج اخر حفنات التراب سيدسونها فيه وكانت نوبة الحراسة على اصغر اشقائها .. نظرت الى القبر وتنهدت طويلا وقالت :
ماهمتش بالموت روحي من اجاها همت بطيب الذات جي ظل وراها
فماكان من الحارس الا ان يوجه (البرنو ) نحو اخوته ويطلب منهم الخروج من الحفرة وكم حاولا ثنيه الا انه اصر على خروجهم وقال لهم : ( امرأة تواجه مصيرها المحتوم ولا تفكر الا بما يحصل لحبيبها حتما ان هذا الحبيب يستحق التضحية والوفاء وكان سببا في تزويجها منه وقالت محدثتي وها انا احد ثمرت زواجهم وقد نيفت على الخمسين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق