الأحد، 30 أغسطس 2009

الحصة والمياه المعدنية



راضي المترفي

قررت أن اجرب حظي أخوض غمار تجربة كتابية جديدة بعيدا عن مراقبة هذا المسؤول وانتقاد ذاك والركض وراء نتائج الانفجارات والعبوات المفخخة ونقص الخدمات والبطالة والحالة الأمنية وغيرها من المنغصات المسببة وجع الرأس لغيري والعتب لي من هذا الزميل أو ذاك وهكذا حملت أوراقي واغريت زميلي محمد جبر بمصاحبتي إلى حيث النعومة والطرواة والمجتمع المخملي ووجوه الحسان والمجاملات والابتسامات المجانية والصور الفنية ومع أن زميلي لم يسألني عن الجهة التي اقصدها ألا انه فوجئ عندما رأى أننا أصبحنا على مقربة من أبواب المسرح الوطني فألتفت ألي متسائلا واسكته مذكرا إياه ببيت امرؤ القيس الذي آخره :
نحاول ملكا أو نموت فنعذرا
فاستشاط الرجل غضبا وقال : من قال لك أن القياصرة يسكنون المسرح الوطني ..؟
قلت هكذا أراهم بالتلفزيون قياصرة وأباطرة وملوك وأبهة وخدم وحشم وترف يسيل له اللعاب.
قال : تمثيل في تمثيل وهذا فيما مضى أما الآن فأن الإمبراطور ومعه القياصرة مشغولين هذه الأيام بأشياء جديدة تجاوزت ( البرتقالة والشلغماية ) ووصلت إلى ( أنا احسد البزونه ) و ( ميليشيا الحب ) وترنيمات عريف شلتاغ ) وارهاصات جويه )
فقلت : عجبا وهل يصلح للحب غير الحب والحنان والرقة والتسامح والتوادد ؟ وهل يمكن استبدالها بقناع أو خنجر أو ( كلاشنكوف ) ..؟ وهل يمكن استبدال كلمة ( احبك ) ب( أقتلك ) سبحان الله هل ارتفعت درجة حرارتك يا صاحبي ..؟ تظر ألي ونحن نلج المسرح العتيد على أنغام موسيقى تأتي من القبو وروائح لعطور شتى توحي بوجود الكثير من الجميلات ممن عناهن جميل :
فكل حديث بينهن بشاشة وكل قتيل عندهن شهيد
ولكن سرعان ما خاب ظني بعد أن رأيت إن المسرح عبارة عن أطلال والموجودين كذلك أطلال ابتعد عنها طريق القوافل ولا أثرا لقيصر أو ملكا موعود فهممت بالخروج بعدما ندمت على المجيء واقتنعت أن الخوض بالسياسة ووجع الرأس حتى لو زعل السيد رئيس التحرير افضل ولكن أحد هذه الأطلال البالية أو الفنانة القديرة كما يطلق عليها من يجاملها أمسكت بذراع أبا هديل ووجهت كلامها لنا وأحسست أنها لاتمثل بل كانت صادقة كل الصدق عندما طلبت منا وهي تعلم أننا نعمل بالصحافة
أن نطلب من وزارة التجارة أن تضيف ( المياه المعدنية ) إلى مواد الحصة التموينية وكررت هذا الطلب عدة مرات ..هنا التفت إلى زميلي لاعتذر منه على هذه الورطة ولكنه عاجلني بهز يده وترديد : ( عرب وين طنبوره وين ) .
بلعت لساني وادرت ظهري للمسرح وقررت أن انقل قولها هذا إلى السيد وزير الهجرة والمهجرين والمهاجرين والانص... ورئيس التحرير وثائر الثائر ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق