الأحد، 30 أغسطس 2009

للسفير مصحح من عسل

راضي المترفي

اعتاد العاملون ومن أصيبوا بداء الكتابة المزمن للصحف على رؤية ( المصحح اللغوي ) وتمييز شكله الأسطوري والذي اثبت من خلال هذا الشكل أن الديناصورات حقيقة ولكنها انقرضت والسيد المصحح يرتدي سترة شتائية غالبا ما تكون سوداء حتى في عز الصيف تبرز منها عظام المنكبين وراس أما أن يكون هاجر ثلثا شعره أو طاح صبغه بالإضافة إلى تلك النظارة ذات الإطار الفيكتوري و الزجاج السميك وقطعة البلاستك المطاط التي تثبتها على الرأس والشارب المقصوص على الطريقة الهتلرية والمكتب المكون من منضدة صنعت من نفس الشجرة التي عملوا منها ( كاروك ) للمرحوم الزهاوي وكرسي اشترته الجريدة أو غيرها من حواسم حصل عليه أبان سقوط الحكم الملكي وقلمه الأحمر الذي لا يعترف بخطوط حمراء غير خطوطه حتى لوكان سيبويه واضعها وعادة ما يفتخر المصحح بأيام زمان وتصحيحه مقالات حصرم باشا وحبزبوز وجلال الحنفي وحميد المحل وغيرهم واتهامه للكتاب بأنهم سبب ضياع اللغة العربية . وكان الكتاب يرضخون لدكتاتورية المصحح اللغوية وأوامره النحوية حتى لو خالفت آراء
( نفطويه ) أو أضحكت الجاحظ أو ( شالت أبو الأسود الدؤلي وطكته بالكاع ) – هاي الجملة اشلون راح يصححها – لعلمهم إن السيد رئيس التحرير يرى بالسيد المصحح مادام ( عتيق وعنتيكه ) فهو من علم الفراهيدي والفراء وغيرهم أصول النحو والبلاغة والمنطق واجادة الحز من المفصل وهكذا اعتدنا على المصحح مرة يذبح المقالة من القفا ومرة يتركها بلا أرجل ومرة ( يفكس عيونها ) إلى أن احدث الزميل رئيس التحرير ثورة في عالم التصحيح والمصححين واتى للجريدة بمصحح لسانه وقلمه ( ينكطن عسل ) وهو عسل واسمه عسل إضافة لشعره الأسود السرح وابتسامته الآسرة وتصحيحه عسل ولو ( شويه ثخين ) بسبب خبث العزيزة فريال التي أوهمت العسل بضرورة تخمير المقالات لمدة يومين في حقيبة المصحح حتى تموت من القهر كل الأخطاء اللغوية والنحوية في تلك المقالات قبل أن يمر عليها القلم الأحمر العسل وتتخلص هي من التنضيد لتتمتع بشهر عسل جديد بعد عودة الزوج المسكين من جريمة الهروب من الحياة الزوجية لمدة عام ونصف ولتضع ( المكروده ) المصممة وسكرتير التحرير والجريدة واعمدتها الفارغة من موادها في ورطة وتحملها لرئيس التحرير متهمة إياه بالقومية والانحياز للعربية في زمن ( المنفيست ) و ( المرسي ) والمحاصصة و ( الشالوم ) و (كدباي ) وقد يدفع هذا الاتهام رئيس التحرير وبتحريض من المصحح إلى إصدار قرار يمنع استيراد مفردات لغة من موديل 2005 فمادون ويجبرنا على العودة إلى مفرداتنا القديمة مثل ( أودعناكم ) أو السلام عليكم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق